منوعات

قصة أمل: "تحديات الميراث والرفض"

الثلاثاء - 26 ديسمبر 2023 - الساعة 07:18 م بتوقيت اليمن ،،،

الضالع (البعد الرابع)غرفة الأخبار: وضاح الخوبري



"لم تمح من ذاكرتي تلك اللحظة البائسة عندما تعثرت خطايا وتحطمت أحلامي وأفكاري وشعرت بخيبة أمل كبيرة، لأنني لم أكن على وعي كامل بضحالة الواقع الذي أعشيه".
تعيش أمل في إحدى قرى محافظة الضالع تزوجت في سن الخامسة عشر ربيعا من شاب أكبر منها ب عشرة أعوام، تأخذ حياة أمل منعطف غير متوقع بعد مضي تسعة أعوام من الزواج واجهة واقع مفجع غير مجرى حياتها عندما أيقنت أنها عاقر غير قادرة على الإنجاب حيث أدى هذا العجز إلى توتر علاقتها مع زوجها.
حلم الأمومة

تكوين أسرة وإنجاب أطفال حلم كل زوجين، فمشاعر الأمومة والأبوة فطرة لدى كل شخص، ولكن في حالات كثيرة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، تقول أمل: "لم أستطع إدخال الفرحة لزوجي حيث كنت ألاحظ ذلك كل يوم في عينيه تأنيب ولوم مع علمه أني استنفدت كل ما أملك بحثا عن علاج اقترحت عليا الدكتورة التلقيح الصناعي لكنه للأسف رفض، تغيرت معاملته وأصبح يعاملني بقسوة وعنف وكان يقوم بإهانتي وكان يعتدي عليا بالضرب المبرح".

تحولت حياة أمل إلى مأساة بسبب سلوك زوجها وقررت أن تطالب بحقها في أرث أباها من أجل السفر للخارج للعلاج، واستطردت بالقول: لكنني تفاجأت برد عنيف من إخوتي الذي غضبوا بشدة وصرخوا في وجهي قائلين بأن النساء لا يرثن.
خرجت أمل من بيت أبيها منكسرة تجر أذيال الخيبة والدموع تنهمر من عينيها وكان رجائها أن يلحقها أحد ويقول لها إن ما حدث كان مجرد كابوس كئيب.

يقول المحامي والناشط الحقوقي محمد المريسي: "يعتبر المجتمع مطالبة المرأة بنصيبها من الإرث تمردا وخروجا على العائلة، حيث تفضل المرأة ألا تذهب إلى القضاء للمطالبة بنصيبها الشرعي لعدة عوامل العادات والتقاليد والجهل وعدم الوعي القانوني والشرعي".
تؤكد المادة (299) من قانون الأحوال الشخصية اليمني شرعاَ وقانوناَ أن" للذكر حظ الأنثيين عند تقسيم التركة
وتوضح المادة (31) من الدستور اليمني أن النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون".

التخلي والانفصال
تضيف أمل بينما كانت تكفكف دموعها: "من الأكثر الأشياء قسوة أن يطلب منك أن تتخلي عن حقك في الميراث مقابل مبلغ زهيد من المال، وكأنه حق مكتسب للآخر أن يبخسك حقك لأنك امرأة".
تصف أمل اللحظات التي أبلغت فيها زوجها برفض إخوتها إعطائها نصيبها من الميراث أنها أصعب اللحظات المؤلمة في حياتها عندما صراخ في وجهها قائلا أنت طالق.
الدكتورة أشواق صارم إخصائية اجتماعية تقول قصة أمل فرصة لمواجهة حرمان الإناث من الميراث والدعوة إلى قدر أكبر من المساواة في الأمور المتعلقة بتوزيع الإرث- والسعي في نهاية المطاف نحو مجتمع أكثر عدلا يتم فيه تقدير الأفراد بغض النظر عن أدوارهم الاجتماعية أو قدراتهم الإنجابية.
أمنه صالح إخصائية نفسية تؤكد بأنه لا يمكن التقليل من الأثر العاطفي السلبي الذي تعرضت له أمل خلال هذه المحنة، حيث تعيش حالة من الاضطراب بسبب حرمانها مما تستحقه، مشيرة إلى أن العواقب تمتد العواقب ما هو أبعد من الضيق العاطفي؛ ويمكن أن يكون لها تداعيات اجتماعية واقتصادية.

قيود وتهميش
هناك العديد من القيود المجتمعية المتمثلة بالعادات والتقاليد السلبية التي تحكم قبضتها على المرأة، كحرمانها من ميراثها الشرعي بحجة أن النساء لا يرثن
يلعب الميراث، قانونيا وثقافيا، دورا حيويا في تشكيل حياة الأفراد. فهو يوفر الاستقرار المالي والأمن، فضلا عن كونه بمثابة اعتراف رمزي بمكانة الفرد داخل الأسرة. وعلى الرغم من أهميته، فإن العديد من الأفراد يحرمون من نصيبهم العادل لأسباب مختلفة.

الأستاذ محمد صالح باعباد مفتي مديرية قعطبة يقول إن من أهم القضايا الاجتماعية الواقعية التي يعاني منها مجتمعنا على قضية ميراث المرأة بينما الثابت في الكتاب والسنة أن الإسلام كرم المرأة وأعلى شأنها وجعل نصيبها مفروضا بنص كتاب الله- عز وجل- ولذا لا يجوز شرع حرمان المرأة من إرثها ومن حقها الشرعي.

اعتماد أحمد مديرة إدارة تنمية المرأة بمحافظة الضالع تقول إن الإدارة نفذت العديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة لإيصال رسائل توعوية إلى مختلف شرائح المجتمع بهدف رفع مستوى الوعي تجاه ممارسات العنف التي تتعرض لها المرأة كما نشجع ونناصر النساء على المطالبة بحقوقهن وأيضا نشجع النساء على الإبلاغ إذا تعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

رغم كل الظلم الذي تعرضت له، بقيت أمل قوية وصامدة، وقررت أن تغير من وضعها وتحقق حلمها، وبدأت تبحث عن فرص عمل وتعلمت مهارات جديدة، كما بدأت رحلتها نحو المطالبة بنصيبها الشرعي في الميراث.


*تم إنتاج هذه المادة ضمن مخرجات برنامج التغطية الإعلامية الجيدة لقضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.