البعد السياسي

"داعش" داخل إدارة أمن عدن ..الهدف والتداعيات

تصميم خاص بالبعد الرابع

الأربعاء - 08 نوفمبر 2017 - الساعة 04:44 ص بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع : خاص




نجح الارهابمجددا بتسجيل حضوره الدامي في قلب العاصمة عدن ، لكن اهدافه النهائية لم تزل معلقةبعد ان نجحت قوات الامن في احتواء هذه الهجمة الشرسة رغم الخسائر البشرية الباهظةالتي وصلت الى حد عشرين مجنداً استشهدوا  وهم ينازلون ببسالة همجية الارهاب التكفيريكحصيلة اولية للمعركة التي استمرت اكثر من 12 ساعة.

تنظيم داعشالارهابي سارع الى تبني العملية التي كان هدفها الرئيسي بحسب ما رشح من معلوماتاولية تسنى لنا التأكد من صحتها : تهريب او تصفية العناصر الارهابية الوازنة والقابعة في سجن البحث الجنائي معظمها نقل من سجن المنصورة قبل الحادث باقل من 24ساعة، والتي وفرت كنزاً معلوماتياً جعل عمليات الردع الاستباقية من القوات الامنيةاكثر دقة ونجاعة في مداهمة اوكار الموت.

لكن مصادرامنية مطلعة كشفت لــ "البعد الرابع" حقيقة الهدف الدسم الذي حاولالتنظيم الارهابي بلوغه ،وبحسب هذه المصادر فقد كان من المقرر ان يعقد اللواء"شلال علي شائع" مدير أمن العاصمة عدن اجتماعاً موسعا داخل مبنى البحثالجنائي للوقوف على آخر المعلومات التي جرى انتزاعها من المتورطين بالقضاياالارهابية ومناقشة الاوضاع الانسانية للبقية الذين اثارت وسائل الاعلام قضيتهم .

اذن فان تحويلالبوصلة الانتحارية من منزل شائع (وهو ما حدث في اكثر من مناسبة) الى مبنى البحثالجنائي كان ينضوي على جملة اهداف كبيرة (راس شلال) ومتوسطة (اسقاط جهاز البحثالجنائي) وصغيرة (تحرير المساجين وتصفية المعلومات) ؛ يمكن ضربها جميعا بعمليةواحدة .

تفاصيل"مجزرة الاحد" تعيد الى الاذهان حادثة العرضي في صنعاء نهاية العام 2013، التي كان تنظيم القاعدة يحاول من خلالها تصفية الرئيس هادي وهز ثقة المؤسسةالعسكرية بنفسها.. ويبدو ان التنظيم الناشئ يتعلم سريعا من تجارب شقيقة الاكبر.

وبنفس الدمويةاقدم عناصر "داعش" على تفجير بوابة المبنى بسيارتين مفخختين احداهما تمتفكيكها قبل الانفجار والاخرى اوقعت عشرات القتلى من المجندين المرابطين هناكاضافة الى بعض المدنيين المارين في الشارع ، وبعدها انطلق نحو 3 انغماسيين للسيطرة علىالمبنى  فيما تمركزت عناصر أخرى في اسطحه المبانيالقريبة من إدارة البحث، وبحسب شهود عيان فقد كانوا جميعا يحملون اسلحة اضافيةوزعوها على المساجين المحسوبين عليهم لإطالة عمر المواجهات ،التي استخدموا فيهاالمساجين كدروع بشريه ، فيما اقدموا على تصفية بعض كوادر البحث الجنائي من ضمنهم امرأتان،الاولى مسؤولة عمليات التحقيقات، والثانية طبيبة كانت تعاين المساجين ،وتم كذلكتصفية مدير مكتب رئيس البحث الجنائي العقيد "محمد حسن" وأخرين .

قبل ان يمضيالارهابيون الى تفجير انفسهم –وسط الرهائن - واحداً تلو الاخر كلما ضاق الخناقعليهم الى ان جرى استعادة السيطرة بشكل نهائي على المبنى مع حلول الساعة السابعةمساءاً ، في حين تتواصل عمليات التمشيط في محيط المبنى وكامل مديرية خور مكسر حتىالان والساعة تشير إلى  الثانية بعد منتصفالليل طبقاً للمعلومات التي تحرى منها البعد الرابع .

تداعيات الهجوم...

فارق التوقيتوبسالة رجال الامن حالت دون بلوع مجزرة الاحد جميع اهدافها ، لكن ذلك لا ينفيتداعياتها المزلزله على مجمل البيئة الامنية والسياسية في عدن.

الهيبةالرمزية التي راكمتها ادارة الامن وقوات الحزام الامني تبدو معرضة للاهتزاز شعبياازاء هذا الامتحان الامني الذي اسال كثيراً من الدماء ،وهو ما سينعش الخطابالاعلامي المطالب بإقالة اللواء شلال علي شائع  ، من خلال اتهامه الصريح بالفشل  بعد ان اقتصرت الاتهامات السابقة على انتقادخلفيته السياسية و ادعاءات التجاوزات الحقوقية.

وهو الامرالذي يجب ان تتنبه له الجهات الاعلامية التابعة لإدارة الامن ومن يؤيدها من قوىالحراك الجنوبي ،و بأن لا تنجر الى مربع المماحكات السياسية التي تغذيه نفسالاطراف المناوئة لأي تمكين جنوبي ، وتسخير الجهد القادم للالتفات الى المشاكلالحقيقية في الجنوب والتي يجب معالجتها بعقلانية لتجفيف بؤر الارهاب.

والى ذلك فانمن التداعيات الامنية الموجعة تقويض جهاز "البحث الجنائي" الذي مثل اهممؤسسة مدنية واستخبارية استعانت بها قوات الامن لإدارة الوضع في عدن ، وبرغم غيابدعم وتعاون الشرعية مع هذا الجهاز فانه حاول بجهوده الذاتية البسيطة الاضطلاعبمهامه التي كانت حجز الزاوية في دفع الوضع الامني الى الامام . واليوم يبدواللواء شلال يقف امام بيئة امنية معقدة تشابه ما واجهه في مطلع العام 2016.

دلالاتالحادثة..

لايمكن فصل الاندفاعة التكفيرية في عدن عن ما تتجرعه التنظيمات الارهابية من خسائركبيرة في عموم المناطق الجنوبية ، اخرها مديرية المحفد شرق محافظة ابين .. وهذهالهزات الارتدادية لزلزال التطهير الجنوبي انما تلقي الضوء عن الفجوة الفاصلة ما بينالجهد العسكري والامني المباشر في مقابل الاستخباري القائم على تقوية المؤسسات وتأهيلالكوادر .

كماانه يضع مزيداً من المسؤولية على "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يجبان يوفر الغطاء السياسي اللازم لأجهزة الأمن كي تضطلع بمهامها الطبيعية بدلادراجها في أي صراعات جانبية تحدث تشققات تسمح للإرهاب بالتسرب منها لتقويض ماتراكم من انجازات. و لابد من بلورة تسوية سياسية ينزع فيها فتيل التوتر عن العاصمةعدن بين مختلف الفرقاء الذين يمثلهم كياني "الانتقالي"و"الشرعية" وذلك لفصل الملف الامني عن أي خلافات سياسية وتمكين اجهزتهمن بسط كامل نفوذها على العاصمة عدن .

وبمراجعةتفاصيل الحادثة يمكن الجزم بان المقاتلين والمفخخات الداعشية لم يأتوا من خارج عدن، وهو ما يعني ضرورة توسيع النفوذ الامني على كامل العاصمة (وهو مهمة سياسيبامتياز)، بعد ان جرى توسيع القوة الامنية لتشمل كامل جغرافيا الجنوب .