أخبار وتقارير

#اليمن : إقتصاد الحرب والهاوية

الثلاثاء - 20 مارس 2018 - الساعة 06:21 م بتوقيت اليمن ،،،

البعد الرابع : نادر الصوفي


يهرول الوضع الاقتصادي والمالي اليمني بتسارع مضطرد نحو الانهيار التام ، أسعار المواد الغذائية في ارتفاع متزايد ، وسعر صرف الريال اليمني  فاق 500 أمام الدولار ، في الذي تشير المنظمات الدولية، أن ملايين اليمنيين يحتاجون إلى مساعدة عاجلة عام 2018 لضمان بقائهم على قيد الحياة.

عدن العاصمة المؤقتة لليمن، حيث تقبع مؤسسات الدولة لحكومة الشرعية ، لا يختلف الوضع الإنساني والاقتصادي عن بقيه مدن اليمن ،في انعكاس واضح  لفشل سياسات مالية انتهجتها جماعة الحوثي في بداية الأمر ، قابله عجز حكومة الشرعية عن خلق بديل ناجح يحمي المواطن من عواصف المقامرات الاقتصادية.

 - رواتب بلا قيمة ومعاناة إنسانية متفاقمة 

بمرارة يصف المواطن عبدالفتاح محمد وضعه المعيشي قائلا :"أصبح صعب للغاية.. ارتفعت الأسعار بشكل جنوني والراتب ٤٥ ألف وتجي متأخرة كمان، وارتفعت الإيجارات للشقق بحدود السبعين الألف. ناهيا عن زيادة اجرة المواصلات اما الي عنده سيارة قده يحطها تحت البيت افضل بدل الملاحقة للبترول بالسوق السوداء".

اما الطبيب وليد الفقيه فيقول:"المواطن الذي يعتمد على راتبه الشهري لم  يعد يكفي لشراء متطلبات البيت في ضوء الزياده الكبيره في أسعار المواد الغذائية الضرورية .. أصبحنا نواجه صعوبة في شرائها بل إننا في كل مره نحاول أن نتخلى عن بعض المواد نظرا للغلاء الفاحش والتسعيرة التي يتخذها التجار ، فما بالك بالمواطن الذي لا يملك راتب أو لديه دخل يومي".

مقابل ذلك يرى الخبير الاقتصادي سعيد عبد المؤمن  ان "الوضع الاقتصادي  في عدن العاصمة المؤقتة هو نفسه في اليمن ، من سيء إلى أسوء فاﻻمر مرتبط بناتج محلي ﻻ بنمو بل يتراجع ، و اليمن أساسا يعتمد على إنتاج وتصدير النفط والذي يمثل خمس هذا الناتج ويمول ميزانية  الدولة بما يقارب الثلثين ، اما الصادرات الزراعية متوقفة والسمكية ايضا وﻻ مساعدات دولية وﻻ قروض وﻻ منح. المتبقي مما يدعم الاقتصاد قليلا هو تحويلات المغتربين وبعض الاموال التي تتدفق من دول الجوار وهي ليست بالكثير وفي طريقها للتوقف ".

- حلول الترقيعية لا تستعيد دولة

خلال الشهر الفائت كان قد اتهم المحافظ السابق لعدن عبدالعزيز المفلحي حكومة الشرعية، خلال حوار أجرته معه "وكالة اسبونتك"  الروسية ،ووضح أن أسباب انهيار العملة وتردي الوضع الاقتصادي يعود إلى:" سوء إدارة الحكومة لأعمال البنك المركزي بعد نقله إلى عدن، وعدم اكتمال الدورة المالية بشكل كامل من خلال البنك المركزي، وأنا نبهت لذلك في خطابي السابق في عدن، وقلت أن هذا سيجرنا إلى إشكالية ارتفاع سعر الصرف والفوضى النقدية التي نعاني منها الآن، وتلك السياسة النقدية تمثل أحد الأسباب الرئيسية لفشل الحكومة الفاشلة بالأساس".

حديث محافظ عدن المستقيل يجد صداه عند  الجندي ياسين ثوان "خسرنا مصادر دخلنا وارتفاعت الأسعار وانهارت العملة بينما حكومة الشرعية لم توفر للمواطن ابسط الخدمات الضرورية ،مضيفا:" لم يعد المواطن يطيق التدهور الاقتصادي أكثر فأسرنا تموت جوع في المنازل لا رواتب نغطي بهاء ثمن راشان البيت وان عطونا راتب  60 الف في سبعة شهور أيش بتعمل فيه وارتفاع الاسعار قدهاء اضعاف مضاعفة من السابق".

- إستمرار الحرب كفيل لتثبيت المأساة

من بين الأسباب الرئيسية التي فاقمت  تدهور قيمة الريال اليمني ، طباعة وإصدار البنك المركزي بعدن عملة خلال 2017 دون غطاء إصدار، حيث تشير بعض المعلومات الى انها وصلت الى اكثر من 420 مليار ريال، تم ضخ العملة للتداول في السوق خلال العام الماضي ، مما زاد الطين بله .

من جانبها واجهت الحكومة الشرعية اخطاء سياساتها النقدية ، من خلال تغير الاشخاص عوضا عن تغير السياسيات، حيث اصدر الرئيس هادي  قرار جمهوري قضى بتعيين ‏محافظ جديد للبنك المركزي اليمني "الدكتور محمد منصور زمام".

هنا يرى الصحفي، قيس الشاعر ،"ان تغيير محافظ البنك المركزي لن يسهم في استقرار الاقتصاد اليمني لأن ذلك "يرتبط بالجانب الأمني و مدى قدرة الحكومة على إعادة تشغيل المرافق السيادية التي تدر أموال على خزينه الدولة والتسهيلات التي بأمكنها خلقها لرؤوس الاموال والاستثمارات ، كما ان الحرب والمعارك الدائرة سبب رئيسي في التأثير على وظائف الاستقرار  في الدولة وعلى الاقتصاد".

اما الدكتور سعيد، الخبير الاقتصادي، يرى ان استقرار "العملة اليمنية مرتبطة بالاقتصاد والإنتاج الوطني وغياب الدعم الخارجي ، ولذا ستستمر العملة بالتدهور ، والحلول الترقيعية ﻻ تنفع، ﻻن موارد العملات الاجنبية أصبحت شحيحة وﻻ تكاد تفي باستيراد الحاجات الأساسية يضاف إلى ذلك سوء الإدارة للموارد المحلية المتاحة وضعف الاستقرار في عدن والبنك المركزي ﻻ تصله الموارد المحلية مثل الضرائب وهو ما يعني استمرار التدهور وستصبح المشكلة أكثر تعقيدا مع كل عملية طبع ورق مالية  ﻻ يقابلها ناتج محلي أو دعم خارجي".

- إتهامات مفرغة أم سياسات فاشلة

يرجح المراقبون ان المحافظ الجديد للبنك المركزي الذي لم يزر العاصمة المؤقتة عدن حتى اليوم، أمامه مهمة بالغه الصعوبة ،" لن يتمكن من ممارسة مهامه بإدارة البنك من ‎عدن نتيجة التوتر السياسي والعسكري التي تعيشه العاصمة المؤقتة"، ويعللون ان "العمل الاقتصادي وخلق سياسات نقدية سليمة لأنقاض الاقتصاد اليمني يحتاج بيئة سياسيه صحية تساعد في الاستقرار الأمني الذي ينعكس على الأداء الاقتصادي ".

الدكتور سعيد يربط عوده اسقرار سعر الصرف الريال اليمني وحل مشكلة الاقتصاد "بعمليات توريد العائدات الماليه من المنافذ والمحافظات للبنك المركزي التي ستسهم في رفد الخزينه العامه واعاده عجله الاقتصاد اليمني ولو في ادنى مستوياته.

وبحسب سعيد فان تعافي الاقتصاد مرهون بفرص السلام لان "الحروب ﻻ تسمح بالإنتاج  والنمو الاقتصادي بل تكون عامل خراب ودمار ،وبجانب ذلك ﻻ بد من اختيار فريق اقتصادي قادر على وضع سياسة اقتصادية تساعد على الخروج من اﻻزمة الحالية".

الاقتصادي سعيد ختم تعليقه عن الوضع بتاسيس معادلة قاتمة ومفزعة ، فامام كل يوم دمار يحتاج اليمنيون الى ٦ اشهر للاعمار ، لذا فانه يتيعن على المواطنين و الى جانب همومهم اليومية ان ينشغلوا ايضا بحساب الحصاد المر لثلاثة اعوام من الحرب..