ادبــاء وكُتــاب


السبت - 31 مايو 2025 - الساعة 10:46 م

كُتب بواسطة : ناصر المشارع - ارشيف الكاتب


وزير

أعاد الشيخ حميد الأحمر إحياء حضوره السياسي عبر مطالبة وجهها للرئيس رشاد العليمي بإقالة وزير النقل عبدالسلام حميد، إنطلاقاً من حقده الدفين على الجنوب ومستغلاً حادثة استهداف إسرائيل لطائرة الخطوط الجوية اليمنية المتجهة من الأردن إلى صنعاء قبل ايام .
المفارقة العجيبة أن هذه المطالبة تكشف لنا جميعاً انفصاله عن الواقع الجديد، أكثر مما تكشف عن أي مسؤولية حقيقية لوزير النقل تجاه هذه الحادثة.
أما في حقيقة الأمر إن الوزير عبدالسلام حميد لم يكن صامتاً حيال ملف الطائرات المحتجزة في صنعاء. بل سبق وأن وجه عدة مطالبات للتحالف والأمم المتحدة بالضغط على جماعة الحوثي للإفراج عن الطائرات المحتجزة هناك...لكن هذه الجهود لم تلقى أي تجاوب ، والأهم من ذلك، أنه اتخذ مؤخراً موقف يقضي برفض عودة الطائرة الرابعة إلى صنعاء وهي لا تزال عالقة في الأردن، وأعلن التزام الوزارة بالتكفل بنقل ركابها على نفقتها الخاصة إلى صنعاء في حين غيرت الطائرة المسار إلى مطار عدن ، وهذا القرار جاء في إطار مسؤولية وطنية ،إخلاقية ، وإنسانية للحفاظ على مقدرات الشعب ، لكن تدخل الرئيس العليمي وأطراف إقليمية حالت دون السماح للطائرة بالعودة إلى عدن . وقد أقر العليمي نفسه بذلك علنًا في وسائل الإعلام، وإخلى أي مسؤولية على الوزير و أي تبعات متصلة بتلك الرحلة أو استهدافها.
ومما لا ينكره احد أن وزير النقل حميد ومنذ تسلمه مهامه، واجه وزارة مثقلة بالخراب وعمل على بذل جهود مضنية لإعادة تشغيل مطارات وموانئ البلاد ، كما عمل على إعادة العلاقات مع المؤسسات الدولية المعنية بالنقل الجوي والبري والبحري، في ظل وجود وزارات أخرى بالكاد تؤدي أدنى وظائفها. وهنا نقول إن ما تحقق في وزارة النقل خلال فترة قصيرة يعد إنجازأً يحسب للوزير حميد في بيئة منهارة وخراب منقطع النظير خلفته الحرب والحصار وشحة الإمكانيات .

وعلى الرغم من ذلك، يصر الشيخ الفار حميد الأحمر على استحضار دور لم يعد له في المشهد.، كما لم يعد يمثل ثقله القبلي أو السياسي القديم. بعد تأكل نفوذه القبلي حتى باتت قبيلته أقرب إلى جماعة الحوثي وأفرادها مدد له في الجبهات ، إضافة إلى مكانته داخل حزب الإصلاح وهوانها بعد أن أصبح عبئاً سياسيا في نظر كثير من قياداته. و وضعه كلاجئ خارج اليمن لا يشبه أوضاع اللاجئين العاديين، حيث وقد بات لاجئ منزوع التأثير والرمزية.

أما عن موقع وزير النقل داخل الحكومة حتى يطالب بإقالته ، فهو ليس قائماً على مجاملة أو منصب هش، بل نابع من التمثيل السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي لا يزال يؤدي دورا أساسياً في حماية الحكومة ومؤسسات الدولة جميعها ، بما فيها رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، لذا فإن المطالبة بإقالته لا تغير شيئاً في معادلة واقعية باتت أكثر رسوخ مما يعتقده الأحمر.
ومما يثير الإستغراب والشفقة معاً ، أن الشيخ حميد لم يستوعب إلى الآن كيف تشكلت الحكومة ومجلس القيادة، ولا كيف تدار الأمور حالياً حتى يرسل رسائل كما لو كان الزمن قد توقف في عام 1998، دون إدراك أن زمن الوصاية والهيمنة الفردية والقبلية قد مضى، وأن اللعبة السياسية باتت أكثر تعقيداً مما كانت عليه في ماضيه او تفكيره المهزوم والعقيم.
لهذا ومن وجهة نظري أن على الشيخ حميد أن يدرك ويستوعب أن خروجه من دائرة التأثير لا يمكن تعويضها بمواقف انفعالية. وإذا كان الصمت فضيلة، فإن اللحظة الراهنة تدعوه إلى التزام هذه الفضيلة، لأن كل محاولة للظهور السياسي في هذا التوقيت لا تزيده إلا ابتعاداً عن واقع لم يعد يشبهه، ولا يشبهه دوره بل إن مثل هكذا مواقف قد تجعله مثيراً للسخرية أمام اليمنيين شمالاً وجنوباً اصدقاء كانوا أم أعدء ، وعلى الرغم من سفاهته التي يعيشها وخصومتنا له إلا أننا لا نريد له السقوط أكثر مما هو عليه الآن ، ولا خيارات متاحة أمامه إلا القبول بنصيحتنا له بهذا الخصوص .

#ناصر_المشارع