صحافة استقصائية

«الصبيحية»..وطن التضحيات وبلد الاهمال والنسيان (تقرير)

الأربعاء - 21 نوفمبر 2018 - الساعة 03:54 ص بتوقيت اليمن ،،،

عدنان الجعفري: البعد الرابع


على منوال جبالها الشامخة ، وطبيعتها القاسية ومتدادها الساحلي الساحر ، تناضل مديرية الصبيحة من أجل استعادة امجادها وحضورها القوي في قلب المعادلة الجنوبية .
وفي سبيل ذلك تدفع الصبيحة ثمن نضالها المستميت من دماء شبابها وجمال عمرانها ، وحقها في العيش الكريم .

ما يميزها من موقعها الاستراتيجي يمتد من باب المندب حتى كرش وشريطها الساحلي الذي يبدأ من حدود البريقة وحتى أهم مضيق بحري في البحر الاحمر ،كل هذا الهبات الذي منحها القدر والطبيعة ، لم يمنحها نوعاً من الحظوة بل جعلها طريق مرت عبره جميع الأنظمة السابقة ، التي تعاملت مع الصبيحة كجسر عبوة وحرمها عنوة ابسط مقومات الحياة .


البلدة الفقيرة والبسيطة في كل ما تملك ، عوضها كرم وشجاعة سكانها المشهود له منذ القدم والمتواصل حتى اليوم .

الصبيحة في الحرب ..تضحيات وصمود :

منذ لحظات الحرب الأولى كان للصبيحة دور بارز في الدفاع على عدن والجنوب، ولأجل هذا دفعت فاتورة باهظة من ارواح شبابها ومناضليها وفي سبيل هذا تؤكد الاحصائيات استشهاد اكثر من 1200 شهيد حتى اليوم سقطوا في عموم المحافظات الجنوبية وحتى المخأ الساحلية .
لترسم دماء ابناءها اروع قيم الوفاء والتضحيات وهي تسيل في خارطته الجغرافية الكبير بعظمة الدماء الزاكية التي سالت في ترابها لتجسد لوحة الوطن الجنوبي الواحد .

الموقع الاستراتيجي والاهمال الحكومي :

تمتاز الصبيحة بشريط الساحلي المهيئ للاستثمار ما يمكنه التخفيف من البطالة الموجودة في أهم مديريات محافظة لحج ،غير أن سياسة الدولة تتجاهل موقعها الاستراتيجي كجزء من سياسية الاقصاء التي شملت كل محافظات الجنوب منذ اكثر من عقدين مضت .

مستشار مدير عام طور الباحة عبدالباسط ياسين المصفري تحدث للمشهد قائلاً: أن منطقة الصبيحه هي العمق الاستراتيجي الى محافظة عدن وهي بوابة عدن من خلال ارتباط حدودها الجغرافية في تعز من كرش الى طور الباحه والمضاربة وتشكل مدخل هام للعاصمة عدن.
ويضيف المصفري: تشكل مساحه كمنطقه احتياطيه لعدن ، نظرا لامتدادها الى الحدود الإدارية للعاصمة، أضافة الى دورها السياسي باعتبارها منبع الثوار وقد كان اول قيادتها بعد الاستقلال الوطني رئيسآ للجنوب وهو قحطان الشعبي .

وليس قحطان الشعبي وحده من انجبته الصبيحة كما يقول ياسين ، فقد انجبت ايضاً كوادر قيادية أمثال فيصل عبد اللطيف الدكتور ياسين سعيد نعمان ، والصماتي وعشرات من الكوادر الذي كان لهم دور بارز في النضال السياسي والثوري والاقتصادي.

الصبيحة المدد :
الكثير من المحللين والسياسيين والمطلعين في تاريخ الصبيحة يقولون بانها المدد البشري بما يميز ابنائها من شجاعة قتالية وغيره وحب للوطن .
ويثبت ذلك دور الريادي في الحرب الأخيرة ضد جماعة الحوثي ، التي لم تقف على الحياد وكانت اول من لبى الندأ الوطني ودافعت بشراسة عن كل شبر في الجنوب .

عبدالرقيب البكيري وهو مدير عام طوالباحة يتحدث عن دور الصبيحة ويقول : أن للمديرية دور لا يستهان به في الحرب إلى جوار اخوانهم من ابناء الجنوب، خصوصاً اثنا حصار العاصمة عدن ، مسجلين مشاركة مشرفه في مختلف الجبهات في العاصمة وهناك عدد كبير من ابناء الصبيحة استشهدوا وجرحواوهم يدافعون عن عدن .

البكيري الذي يتذكر فترة الحصار على عدن وفي قلبه غصه يقول ان ابناء الصبيحة تسابقوا عبر البحر الى وصولاً إلى سواحل البريقة ، بقيادة بشير المضربي وغيره من القيادات الميدانية الذين كان لهم الدور الاكبر في رفد الجبهات بالمقاتلين.

ويرى البكيري :أن على التحالف والحكومة الشرعية الاهتمام وتقديم الدعم الازم لإبناء الصبيحة لتشكيل حزام امن نظرا لموقعها الهام والاستراتيجي الواقع على محيط الجبهات المشتعلة شمالاً وعلى مقربة من خطوط النار بين تعز وعدن.

من جانبه يقول فوزي مهيبش وهو ناشط في الحراك الجنوبي منتقداً سياسات الشرعية الإقصائية ، ويقول :مع كل ما تقدمه الصبيحة من مقاتلين ومنهم من يستشهد في الجبهات ، لم تكلف الحكومة الشرعية نفسها بالسؤال عن وضع أسرهم المعيشي كون اغلبية الشهداء ينتمون لأسر فقيرة لا يستطيعون توفير قوت يومهم ، وعلى الرغم من ذلك ،ما يزال المقاتلين يتوجهون للجبهات بشكل يومي غير ابهين بمصير اسرهم من بعدهم .
فوزي يقول أن واجب الدولة يفرض عليها رعاية اسر الشهداء غير ان الواقع عكس ذلك تماماً ، وبدلاً من الوفاء لعائلتهم الفقيرة يقول فوزي نتفاجأ اكثر من مرة بإسقاط رواتب الشهداء من الكشوفات الرسيمة ، وهذه عمل مدان ونطالب الحكومة إعادة النظرة في الصبيحة تقدير لما تقدمه من تضحيات .

محطات نضالية من عمر الصبيحة :

الشيخ فهمي الهبوب احد المشاركين في الحرب يسرد المحطات التاريخية التي كان شاهداً ومعايشاً لها خلال تنقله في الجبهات المختلفة .

يقول الشيخ الهبوب وهو ايضاً أمين عام الحراك الجنوبي " سابقاً" بطور الباحة منذ ان شُنَّت الحرب من قبل تحالف صنعاء الانقلابية كانت الصبيحة في مقدمة الصفوف للدفاع عن الارض والوطن .
ففي 23 مارس 2015م عندما بدأت المواجهات في العند كان العشرات من أبناء الصبيحة يذودون عن حياض الوطن بمعية أسد اليمن اللواء الاسير محمود الصبيحي وزير الدفاع، الذي انتهت المعركة بأسره واستشهاد بعض ابناء الصبيحة وفي مقدمتهم العقيد محمد صالح العطري .

ويضيف الهبوب : تمركزت مجموعة من ابناء الصبيحة في مثلث عمران بقيادة الشيخ حمدي وفي 11 ابريل 2015م تعرضوا لهجوم مباغت بقوة كبيرة انتهت باحتلال المثلث وأسر الشيخ حمدي وناصر علوان الخليفي بعد جرحهما واستشهاد 4 من ابناء الصبيحة .
ومن هنا بدأنا بتجميع الشباب في محفر الرجاع وقتها كما يقول الشيخ الهبوب كانت الامكانات شحيحة جداً ولم نتلق أي دعم إلا من ابناء المديرية في الداخل والمغتربين في بريطانيا والامارات والسعودية .

ومن حينها والحديث للهبوب استعد الجميع للهجوم على مصنع الحديد في 20 ابريل 2015م ليلاً وتحقق النصر وتمت السيطرة على المصنع ثم السيطرة على المثلث دون سقوط ضحايا .
ويشير الشيخ الهبوب بقولة : وفي 22 ابريل 2015م بدأنا الترتيب لمعركة اماطة الاذى عن الوهط بمشاركة المقاومة من ابناء عدن واستمرت المعركة الى وقت الظهيرة، بالإمكانيات المتاحة وقتها.

يتذكر الهبوب المشهد ويواصل حديثة :ونتيجة لتأخر الطيران جاءت تعزيزات للحوثيين وتم محاصرة مجموعة من شبابنا وبصعوبة بالغة تمكنت المجموعة من الانسحاب الى احدى المزارع وسقط في هذه المعركة 20 شهيد 8 من ابناء الصبيحة و12من ابناء عدن وعدد من الجرحى .

وفي بداية شهر مايو يسرد الشيخ الهبوب التفاصيل ويقول : قمنا بتشكيل مجلس مقاومة ومجلس عسكري وفتحنا معسكر الخطابية لترتيب الصفوف والاستعداد من جديد وبدعم محلي استمر المعسكر في جمع المقاتلين وتدريبهم
وبعدها يقول الهبوب: انتقلنا الى عدن عبر البحر في رحلة استمرت 4 ساعات وقابلنا الشيخ بشير المضربي من اوائل مؤسسي المقاومة في عدن والذي بدأ بدعم جبهة طور الباحة وفتح جبهة في المشاريج باتجاه العند بقيادة العقيد سمير صالح يوسف .
أما في أول ايام رمضان الموافق 18 يونيو 2015م يقول الشيخ الهبوب : نفذنا هجمنا أخر على مصنع الحديد ونتيجة للقصف الخطأ من طيران التحالف سقط 11 شهيد و15 جريح .
ومن حينها بدأت الصبيحة تعزز الجبهات بالمئات المقاتلين من ابنائها الى عدن عبر البحر لرفد الجبهات في عدن التي كان واضحاً ان المقاتلين في عدن اصيبوا بالتعب واليأس وكان لمشاركة ابناء الصبيحة دور كبير في تحريريها .

وفي نهاية يوليو يواصل الهبوب تذكر مأثر المقاتلين من الصبيحة ويقول التحمت مقاومة الصبيحة بمقاومة عدن وتم تحرير عمران مثلث( عمران- والوهط -وصبر) وسقط مجموعة من الشهداء وعلى رأسهم طالب في كلية الهندسة يدعى منذر يوسف الفقيه ، وكانت هذه المعركة الالتفافية التي ادت الى تحرير عدن من تخطيط الشهيد اللواء جعفر محمد سعد الذي التقينا به قبل شهر من هذه المعركة في قيادة المنطقة الرابعة وحدد مهام مقاومة الصبيحة فيها.

وكشف الهبوب وهو من ضمن القيادات في مقاومة الصبيحة أنه منذ في بداية شهر اغسطس 2015م حشدت الصبيحة ما يقارب 2000 مقاتل من ابناء طورالباحة والمضاربة استعدادا لتحرير العند بالهجوم عليه من الجهة الغربية وهي المعركة التي اعد لها التحالف اعداداً جيداً .

معركة تحرير العند كما يقول الهبوب شارك فيها المئات من افراد المقاومة الجنوبية وبأشراف مباشر من التحالف العربي وقائد المنطقة الرابعة الشهيد اللواء أحمد سيف اليافعي وانتهت المعركة بتحرير قاعدة العند وسقط الشهداء من مختلف مناطق الجنوب ، واستمرت المعركة حتى حُررت مناطق لحج بالكامل والوصول الى كرش.

وبعد تحرير العند يواصل الهبوب شهادته للتاريخ ويقول : اشتد الهجوم والضغط على حدود الصبيحة من كرش وحيفان ومناطق المضاربة ، وبدأت معركة الرمح الذهبي التي تم الاعداد والتخطيط لها بعناية فائقة ،كان للصبيحة فيها القدح الاكبر وخلالها سقط عشرات الشهداء وعلى رأسهم قائد اللواء الثالث حزم العميد عمر سعيد سالم الصبيحي وحتى اليوم ما تزال دماء الصبيحة تنزف في هذه الجبهات .

ولم تكتف الصبيحة بالمشاركة بالقتال في جبهات الجنوب ويقول الهبوب ، ارسلت الصبيحة قرابة 200 مقاتل الى البقع بقيادة ابو الدحداح صدام فضل الصبيحي والذي كان اول شهيد في تلك المعارك .

وأختتم الشيخ الهبوب حديثه : روت الصبيحة بدماء ابنائها اغلب مناطق الجنوب وفي صرواح ونهم والجوف وميدي والبقع ، ولازالت تقدم قوافل الشهداء حتى يومنا هذا لتشكل درعاً متيناً لحماية الجنوب من جنون الغزاة الجدد .

نضال يقابله وتضحيات يقابله نكران وجحود :

ما قدمته الصبيحة من نضال قابلة في الضفة الأخرى نكران وجحود من قبل الجهات الرسمية المعنية اصلاً برد الجميل ، هذا الشعور الطاغي ينطق به ابناء الصبيحة المعايشين للواقع .

فمديريتهم التي تحتل عمق استراتيجي وما قدمته من تضحيات ، قوبلت بنكران وتجاهل وصل حد النسيان ، والمدينة المترامية الاطراف تشهد على قتامة الوضع المعيشي لسكان المديرية الأكثر عطاء وتضحيات .

الشاب عبدالله فقير يقول لصحيفة للمشهد: هناك تهميش لكل شرائح الصبيحة وعلى راسهم الطبقة المثقفة من الجامعيين الذين حرموا من حق التوظيف وغيرهم ممن سعى للأنخراط في الكليات العسكرية والكليات الحربية ، ولم يتم استيعابهم بالشكل المطلوب مقارنة ببقية المناطق .

ويقول فقير واسمه يعكس وضعه منطقته : وضع مديريات الصبيحة مزري وتحتاج الى خدمات اساسيه حيث تنعدم فيها ابسط مقومات الحياة وتغيب فيها المؤسسات الخدمية التابعة للدولة ، حتى البطائق الشخصية التي قررها القانون حق من حقوق اي مواطن حرم منها اغلب سكان الصبيحة .

،اما البنية التحيته كما يقول الفقير حدث ولا حرج فهي منعدمة بشكل تام وأهل المديرية ما يزالون يعيشون وكأنهم ما يزالون في القرون الوسطى ، ومديريتهم تفتقد إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات الأساسية للحياة .
وأضاف فقير: الصبيحة تعيش كل طقوس لحرمان المتعمد من قبل الحكومة سوىً كان في عهد الرئيس السابق صالح او في عهد الحكومة هادي فالحرمان من كل شي هو حال المديرية وأهلها .

من جهتة يقول ابو فرج الصبيحي : ماتزال قيود التهميش المتعمدة تمارس ضد الصبيحة الذي اجبرت نظام المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين على التراجع من مديرياتهم ومازالت تطاردهم في كل مكانا وزمان

اما الشيخ وديع الدربعي يقول : الصبيحة بقدر كبر مساحة تتسع معاناتها ، وكان يفترض ان يتم اعلانها كمحافظة ، هذا الحق المطالب من قبل الأهالي قوبل برفض من الحكومة الشرعية ، وعنوة على ذلك نتعرض لحرب ممنهجه حتى لا يكون لنا كيان نحافظ على حقوقنا وارضنا.