صحافة دولية

“تسلا” في مأزق بالصين.. ماذا فعل عام من السياسة بإيلون ماسك؟

الإثنين - 07 يوليو 2025 - الساعة 07:31 م بتوقيت اليمن ،،،

متابعات / خاصه (البعد الرابع) غرفة الأخبار


نشر في الاثنين,7 يوليو ,2025-07:30 مساءً


يشعر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالحزن على الملياردير إيلون ماسك، ويعتبر خطواته الأخيرة برمتها، بما في ذلك تأسيس حزب سياسي، تعبر عن اليأس وفقدان السيطرة حتى أنه وصف صديقه السابق بـ”قطار محطم”.

وبالفعل يواجه إيلون ماسك تحديات متزايدة على الصعيدين السياسي والتجاري في الولايات المتحدة، لكنه يواجه أيضاً – ووفق صحيفة وول ستريت جورنال- مشكلات في ثاني أهم سوق له: الصين. فبعد عام من خوضه غمار السياسة إلى جانب دونالد ترامب، عاد ماسك إلى شركاته ليحصي خسائر تلاحقه وفقدان للمكانة التي أسسها على مدى سنوات طويلة من الكفاح والابتكار.

قصة ماسك في الصين تعطي لمحة عن خسائر “عام السياسة”.

لفترة من الزمن، كانت سيارات تسلا الأكثر شهرة على الطرقات الصينية، وكان ماسك محط إعجاب بكين. فالمسؤولون الحكوميون أغدقوا على شركته الحوافز، كجزء من استراتيجية ممنهجة لتسريع نهضة صناعة السيارات الكهربائية في الصين عبر إدخال تقنيات تسلا وتحفيز المنافسة. وارتفعت مبيعات تسلا بسرعة. لكن الخطر كان دائمًا ماثلًا في أن تتخلف تسلا عن الركب أمام المنافسين الذين ساهمت في نشأتهم. وهذا تحديدًا ما يحدث الآن، وفق الصحيفة.

تقلّصت حصة تسلا السوقية بشكل كبير مع ازدياد شعبية الشركات الصينية المنافسة. في الوقت نفسه، تضررت صورة ماسك كشريك مفيد لبكين في واشنطن إثر تدهور علاقته بدونالد ترامب.

يقول المستهلكون الصينيون إن سيارات تسلا باتت تبدو مملة وغير متماشية مع أذواقهم. إذ أصبحت السيارات الكهربائية الصينية الحديثة تحتوي على مزايا لا توجد في تسلا عادة، مثل شاشات ضخمة لمشاهدة الأفلام ولعب الألعاب، وثلاجات لحفظ المشروبات، وكاميرات لالتقاط صور السيلفي داخل السيارة. كما أعلنت شركتا BYD وCATL مؤخرًا عن تقنيات جديدة تمكّن من شحن السيارة خلال خمس دقائق فقط.

أعرب موظفو تسلا في الصين عن مخاوفهم للإدارة المركزية بشأن تقادم منتجات الشركة، لكن ردود الإدارة كانت بطيئة، بحسب موظفين داخل الصين. وتفاقم الإحباط مع ازدياد الضغط على مندوبي المبيعات لتحقيق الأهداف، دون توفر سيارات جذابة فعلاً لبيعها. ورغم ذلك، لا تزال علامة تسلا التجارية تحتفظ ببريقها كمبتكر رائد في عالم السيارات الكهربائية.

في المقابل، أثّر الخلاف بين ماسك وترامب على مكانة ماسك في نظر بكين، وفق وول ستريت جورنال. ففي يناير الماضي، التقى نائب الرئيس الصيني هان تشنغ مع ماسك في واشنطن، وأبلغه بأن بكين تأمل أن يؤدي دوراً بناء في العلاقات الأمريكية الصينية، بحسب مصدر مطّلع. إلا أن ماسك لم يبدِ حماسة لتلك التمنيات، ووفقاً لمطلعين على تواصلات بكين، فإن الصين لم تعد تعتبره ورقة جيوسياسية مهمة، وتفضّل الآن الابتعاد عن محاولة استمالته علناً.

بالنسبة لماسك، الذي وعد بالتركيز مجددًا على تسلا بعد أن ابتعد عن الساحة السياسية في واشنطن، فإن النجاح في الصين أمر بالغ الأهمية. فهي ثاني أكبر سوق للشركة من حيث الإيرادات بعد الولايات المتحدة، وتُعدّ المركز الأهم للإنتاج والتصدير، إذ تمثل قرابة نصف شحنات تسلا العالمية وتوفّر مكونات التصنيع لخطوط الإنتاج في دول أخرى.

وإذا كان من شيء مؤكد، فهو أن أهمية الصين لتسلا آخذة في الازدياد، خاصة بعد تراجع المبيعات في الولايات المتحدة وأوروبا، نتيجة ارتباط ماسك السابق بترامب. كما تمثّل الصين ساحة اختبار رئيسية للتقنيات التي يراهن عليها ماسك، مثل القيادة الذاتية وسيارات الأجرة ذاتية القيادة.

النجاح المؤقت أمام «الأبطال المحليين»

لتعزيز تنافسيتها، خفضت تسلا أسعارها في الصين، مثلها مثل الشركات الصينية، وتخطط لإطلاق نسخة جديدة من سيارة «Y» في عام 2026، على أمل أن يساعد ذلك في رفع المبيعات. مع ذلك، بدا ماسك غير متحمّس لتقديم تنازلات كثيرة للسوق، معتمدًا بدلًا من ذلك على سمعة تسلا في الجودة والتقنية.

ويعتقد كثير من الخبراء أن طريق تسلا في الصين سيظل مليئًا بالمطبات. فللشركات الأميركية تاريخ طويل من النجاح المؤقت في الصين قبل أن تتراجع أمام منافسين محليين، خاصة عندما يميل المسؤولون لتفضيل «الأبطال المحليين».

يقول مايكل دان، المدير التنفيذي السابق في «جنرال موتورز»، والذي يدير حاليًا شركة استشارات في مجال السيارات: «لا تراهن أبدًا ضد إيلون ماسك أو قدرة تسلا على الصمود». لكنه أشار إلى أن ماسك يعرف جيدًا أن عمر الشركات العالمية في الصين محدود، وأنه بدأ يستثمر في أماكن أخرى، مثل الهند، تحسّبًا لصعوبة البقاء في الصين.

وأضاف دان: «أظن أنه أقرب إلى الغروب منه إلى الشروق في أعماله داخل الصين».

أكبر التحديات أمام تسلا حاليًا في الصين هو تراجع حصتها السوقية رغم ازدهار سوق السيارات الكهربائية. ففي مايو، باعت تسلا أقل من 40 ألف سيارة في الصين، بانخفاض 30% عن نفس الشهر من العام السابق، بينما نما سوق السيارات الجديدة التي تعمل بالكهرباء أو الهجين بنسبة 28%.

قال مشترون تحدثوا لـ«وول ستريت جورنال» إن سيارات تسلا لم تعد في طليعة الابتكار، كما أن القيود الحكومية خففت من شعبيتها.

أثر سمكة السلور

تبدو مشاكل تسلا في الصين حاليًا على النقيض من سنوات ما قبل الجائحة، عندما كانت بكين تفعل المستحيل لإرضاء ماسك. كانوا يأملون أن توسّع تسلا من آفاق السوق، وتثير المنافسة بين الشركات المحلية. وقد شبّه مسؤولو الصين تسلا بـ«سمكة سلور مفترسة تُلقى في بركة مليئة بأسماك راكدة».

قال بيل روسو، مدير شركة «Automobility» في شنغهاي: «ما لم يتوقعه ماسك هو أن الشركات الصينية ستفعل الأمر نفسه، وربما بشكل أفضل». وأضاف: «ارتكب الخطأ ذاته الذي وقع فيه كل مصنع أجنبي: الاستخفاف بقدرة الصين على الابتكار».