الثلاثاء - 10 سبتمبر 2019 - الساعة 06:04 م
ماجد الشعيبي يرتدي البدلة العسكرية !، يا لسخرية القدر! ، ليس هذا فقط! وأيضاً يحمل رتبة نقيب، يالهذه المهزلة، والاستهزاء بالمؤسسة العسكرية، وقوانين الرتب العسكرية، ثم هههههههههه، وهنا القهقة يجب أن تشابه اسلوب ابوجهل في فلم الرسالة يعني هكذا (عه عه عه عاااااه).
كان هذا جزء من اداء مسرحي بائس يؤديه البعض هذه الايام، ويلاقي استحسان كثيرين ممن لم ينغمسوا في تراجيديا الواقع الأليم ، الذي كان من وجهة نظري أكثر ابداعاً وأمتاعاً من قهقة المنافقين وهم يتابعون قناة الحدث من داخل (دار الندوة) أو اي شقة مفروشة في القاهرة او اسطنبول او بدروم في صنعاء.
التراجيديا الممتعة في الواقع والتي فات الكثيرين مشاهدتها كان البطل فيها شاب يحمل من كل شي نصفه ، نصف تعليمه في عدن ونصفه الاخر في صنعاء ، افكاره نصفها أممي والنصف الاخر يؤمن بالجنوب ، هذا البطل كان نصف صحفياً كما وصفه نبيل سبيع ، وكان يملك نصف قلب.
سماه أبوه ماجد ، وللمرء من اسمه نصيب ، كان شاباً عادياً يشبه كل اقرانه ؛ وللحقيقة كان اقل من اقرانه! فنصف صمامات قلبه بالكاد تعمل ، بسبب مشكلة خلقية كما وصفها الاطباء، لكن السبب كان ابعد مما يعرف اصحاب الطب. فقد كان ماجد اكثر حيوية وطنطنه ولعباً من كل رفافه الأصحاء؟.
كانت حياته كما اتخيلها مملة في السابق، إذ لا يجد هذا الشقي من يجاري شقاوته، لا في البيت ولا خارجه، وحتى بعد انخراطه في النشاط السياسي بعد انطلاق الثورة الشبابية في صنعاء، ضد حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ومن ثم استماتته في الدفاع عن القضية الجنوبية بوسائل مبتكرة لم يسبقه اليها احد من العالمين ، إلا أنه ضل يشعر بالملل ، يشاغب ويلهب الاجواء حماسة ويعود الملل من جديد.
وفي ذات يوم ودون سابق انذار بدأت الاسطورة ، عندما زحف الألاف من الشماليين باتجاه عدن ، كانو اصوليين شيعه يسمون أنفسهم (انصار الله) ، ويبحثون عن اصوليين سنة يسمونهم (الدواعش) ، حينها انفجر النصف الحداثي الأممي في هذا البطل ضد الأصولية، وانفجر نصفه الجنوبي ضد الزخف القادم من الشمال، ماذا يفعل ؟ وكيف يتصرف تجاه هذا العدوان؟ ، ولأنه نصف صحفي اخذ كاميرته وهرع الى الامام، على خطوط النار، يوثق كل جريمة حوثية، ضد العزل ويمجد كل بطولة عدنية ضد الاصوليين.
فعلا اتفق مع من يهاجمونه اليوم من دار الندوة ، كان ماجد نصف صحفي في بلد ووقت وواقع هرب فيه كثير من الصحفيين ، واختبئوا في دار الندوة ، فكان حينها ماجد ورفاقه انصاف الصحفيين هم كل الصحافة والاعلام من داخل عدن ، ومصدر جميع وسائل الاعلام العربية والعالمية ، وتمكن جيش من انصاف الصحفيين يقودهم ماجد من مقارعة جيش من قناصة الحوثي ، مزودين بالات تصوير ميدانية وكتائب من مراسلي الاعلام الحربي التابع لحزب الله.
ولأنه مدني، وكل من ذادوا عن عدن مدنيون ، عندما سهل الجيش وسلح زحف الحوثي على عدن وذاب العسكر ، فإنه -أي ماجد- حمل البندقية ، وقاتل، فكان بحق نصف جندي ، وكان بجد وحده نصف الصحافة والاعلام والتوجيه المعنوي الجنوبي ، وبالرغم من صعوبة هذا على أي انسان لكنها الاساطير لا تقاس بمقياس الأشخاص العاديين ، كان ماجد نصف قلبه ميت لا يعرف الخوف ، ونصف القلب الاخر نابض بالحيوية والنشاط.
ماجد النصف من كل شيء ، قد شق طريقه الى الخلود ، ولازال يمضي بخطى ثابتة ، وكلنا حين نتابعه لا نملك إلا أن نكون حواريين يسجلون صفحات من تاريخ اسطورة ، علنا نمسك معه قليلاً طريق الخلود ، ولا عزاء لمن يقتلون "يهوذا الاسخربوطي" فلن ينزعوا عنه صفة الصحافة، ولن يمنعوه رتب الشجاعة، ولن يقتلوا اسطوره هكذا سيذكرهم التاريخ.