الجمعة - 30 ديسمبر 2022 - الساعة 01:04 ص
مهما كبرنا ونضجنا، وسافرنا او تعرفنا على اشخاص وثقافات جديدة، مهما خضنا تجارب مختلفة فيها الشدة والمعاناة او الرخاء والراحة، ومهما صنعنا ذكريات جديدة لكل مرحلة مختلفة من حياتنا إلا ان هناك ذكريات خاصة عزيزة ستضل دائما وابدا تطفو على سطح عقلنا الواعي.
ذكريات الطفولة بحلوها ومرها، وكل ملاحظات وتجارب هذه المرحلة التي تم من خلالها تكوين شخصياتنا وملامح وجوهنا المنحوتة بصدى افراحنا وأحزاننا وتجاربنا المتنوعة مهما بلغت، نعتز بها دائما حتى وان كان مذاقها مر بمرارة العلقم.. 🦋
تسحرني عدن وشوارعها وابنيتها وناسها الطيبين وتذهلني اكثر شهامتهم رغم تغير احوالهم الاجتماعية واكثر مايلفت انتباهي في الغالبية العظمى من اهل عدن هي ميزة متآصله بهم عرفتها فيهم منذا طفولتي وهي (كلمتهم شرف) فهم غير محتاجين لا الى شهود او ختوم في معاملاتهم المالية، بينهم البين فأن اردت ان تقرض احداهم بعض المال يكفي ان يقول لك سأردها لك نهاية الشهر وكلمتي شرف الله المستعان! فعليك ان تصدق ذلك واعرف انه فعلا سيلتزم وسيردها لك بالموعد المتفق عليه بكل صدق وأمانة فقط اذا قال لك كلمة شرف.. لكأنها يمينه الغموس..
واذا اعطاك وعداً بتقديم خدمة معينة يكفي انه يضع كفه الايمن على صدره ويقول لك كلمة شرف سأحضر او اتمم لك الخدمة في الموعد المتفق عليه فلا تقلق، فكلمتهم شرف وسيف على رقابهم مهما تغيرت الاحوال، فهؤلاء الناس هم فقط من يمتلك الكرامة والمكانة وهم من ارتقت اخلاقهم لمرتبة الانسانية.
🦋
ماهي الكرامة؟ كلنا نردد اننا نتمتع بالكرامة لكن نشاهد في حياتنا كثيرون لا يتصفون بصفات اصحاب الكرامة، يكذبون، يحتالون، يغتابون، يمارسون سلوكيات تحط من قدرهم واحترامهم لإنسانيتهم وكرامتهم.
الكرامه هي الحكمه التي يتغذى بها العقل ويصقله، ويصقل شخصية صاحبه وانسانيته.
بهذه الكرامه ميزنا الله عن سائر مخلوقاته واستطعنا أن نضع انفسنا بالمكان الذي يليق بنا كأفضل مخلوقات الله، فالكرامة لا تشترى بكنوز الدنيا.. فكل شخص هو من يختار المكان الذي يضع نفسه اما إنسان او حيوان او حتى شيطان.
احيانا أصاب بالحيرة من البعض وسلوكياتهم السطحية ومشاعرهم المتبلدة تجاه الاخرين فيعطوا لانفسهم الحق بإلحاق الأذى بخلق الله والسخرية منهم، ثم يظن
ان الاكل والشرب والتنفس هي التي تميزه كانسان ذو كرامة!! ألا يعرف ان الحيوان ايضا يمكنه توفير أكله وشرابه مثله تماما؟
البعض يعتقد ان المكر حنكه والخبث ذكاء.. متناسياً ان الشيطان يتقن المكر ويضمر الخبث، وشتان بين ان تكون انسانا مكرماً وكريماً او شيطانا وضيعاً ورجيماً 🦋
للاسف هناك فئه من الناس لا تملك ذرة كرامة، بل يكادون لا يفقهون ماهيتها، يسرحون ويمرحون بصنع تعاسة الاخرين معنويا او ماديا، يتفننوا بالظلم والقبح، غير مكترثين بأن كل انسان في الدنيا مسؤول عن حفظ كرامته وأنه يجب ان يضع نفسه في المكان الذي يليق به كخليفة الله في الارض. 🦋
من غير من الممكن ان تكون مزاجيا في التزامك بكونك انساناً كريماً، لا يمكنك الإستغناء عن الكرامة وقت ما تشاء وتستردها حين تشاء.. فالكرامه من منظوري الشخصي هي ان تحفظ حقك وحق غيرك.. وتلتزم بواجبك تجاه نفسك والاخرين حينها سترتفع في اول سلم من سلالم الانسانية وعلى ضوء ذلك ستتصرف كانسان يحترم ذاته ويحفظها من الانزلاق الحيواني او الشيطاني.. قال تعالى :
(لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم) فالانسان من صناعه الله وابداعه سبحانه وتعالى خلقه فسواه وعدله في احسن صوره .. 🦋
فهل نحن نستحق كل هذا الاعتزاز بأنفسنا امام هذا التكريم الالهي لنا ؟!
وهل نستحق ان نحمل في طيات انفسنا المحبة والاحترام والتقدير لانفسنا ولمن حولنا ؟!
ام اننا مجرد حيوانات كأحسن تقدير؟
