الثلاثاء - 31 ديسمبر 2024 - الساعة 11:30 م
في ستينيات القرن الماضي، وتحديدًا في عام 1963، أُشيع خبر إصابة حافظ الأسد، الذي كان يشغل حينها منصب قائد القوى الجوية في سوريا، بمرض استدعى نقله إلى بريطانيا للعلاج. هذا الأمر كان لافتًا للنظر، خصوصًا أن سوريا كانت جزءًا من المعسكر الشرقي في ذلك الوقت، حيث كان تسليح الجيش وتدريبه وعقيدته العسكرية سوفيتية بالكامل.
خلال فترة علاجه في لندن، غاب الأسد عن الأنظار لمدة تتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، ولم يتم العثور عليه في أي مستشفى أو مكان إقامة معروف. هذه الفترة الغامضة أثارت التساؤلات حول طبيعة هذا الغياب ودوافعه.
لقد كان باسل الاسد يعد ليكون الوريث لحافظ الأسد في الحكم حيث تلقى تعليمه العسكري في روسيا وتعرف بعدها على الصحفي ورجل المخابرات البريطاني باتريك سيل ( صاحب كتاب ابو نظال بندقية للايجار )
بعد سنوات، وتحديدًا في عام 1994، توفي باسل الأسد، الابن البكر لحافظ الأسد، في حادث سير وهو في طريقة الى مطار بغداد . أثارت هذه الحادثة نقاشًا داخليًا حول من سيخلف حافظ الأسد في الحكم. كان الخيار بين بشار الأسد، طبيب العيون الذي لم يكن له أي خبرة عسكرية أو سياسية، وماهر الأسد، الذي عُرف بصرامته ودمويته المشابهة لعمه رفعت الأسد.
اختار حافظ الأسد بشار ليكون الخليفة المنتظر وأرسله إلى (لندن) لاستكمال دراسته في طب العيون، في حين كان قرار خلافته قد اتُّخذ مسبقًا من قبل والده والجهات التي دعمت وصول الأسد الأب إلى السلطة.
علي عبدالله صالح وحادثة مشابهة
/////
في عام 1973، تعرض علي عبدالله صالح لحادث سير بسيط في منطقة المخا بمحافظة تعز، أُشيع أنه أصيب خلاله بكسر في يده ونُقل على إثره للعلاج في أسمرة، التي كانت حينها جزءًا من إثيوبيا. ومع ذلك، أكد أحد أقاربي، الذي كان قائد كتيبة في معسكر خالد قرب موقع الحادث، أن صالح لم يصب بأي كسر.
ما يثير الريبة في هذه الحادثة هو أن رحلة “علاج” صالح استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، دون أي تواصل أو ظهور علني له خلال هذه الفترة، يقال انه سافر من اسمره الى عاصمة (أوروبيه).
وعند عودته إلى اليمن، بدأت ملامح صعوده إلى السلطة تتضح بشكل سريع. ففي عام 1974، شهدت اليمن ما عُرف بـ”خطوة الحمدي التصحيحية”، ومنذ ذلك الوقت بدأ نجم صالح بالسطوع حتى أصبح رئيسًا.
صدام حسين ومسيرته نحو السلطة
/////
أما صدام حسين، فقد انضم في بداياته إلى تنظيم سري يُعرف بـ”تنظيم الفتوة”، الذي يُعتقد أنه كان النواة لفكرة “فدائيي صدام” لاحقًا. أولى عملياته كانت اغتيالًا سياسيًا نجح في تنفيذه، ما ساعده على التقدم داخل التنظيم. حاول صدام الالتحاق بـ”أكاديمية بغداد العسكرية”، التي أنشأها البريطانيون لتخريج ضباط موالين لهم، لكنه لم ينجح في اجتياز امتحان القبول. بدلاً من ذلك، توجه لدراسة الحقوق في جامعة القاهرة.
دور القوى العالمية في تشكيل المشهد السياسي العربي
//////
البعثيون، الذين انتمى إليهم كل من حافظ الأسد وصدام حسين، كانوا يُعتبرون أعداءً للشيوعيين. هذا العداء كان يعكس صراع القوى الكبرى في المنطقة، حيث كان الشيوعيون يُنظر إليهم على أنهم امتداد لموسكو، بينما كانت جذور البعث مرتبطة بدعم لندن.
إذا استمررنا في تتبع هذه الأحداث وربطها ببعضها البعض، سنلاحظ أن العديد من الحكّام العرب، سواء في سوريا أو اليمن أو العراق، مروا بتجارب غامضة في عواصم مثل لندن، باريس، روما، وموسكو. هذا التشابك يعكس خطوط المؤامرة التي امتدت في المنطقة العربية منذ الستينيات، حيث لعبت لندن الدور الخفي والمباشرة في رسم ملامح السلطة في العالم العربي.
عادل الجعدي