ادبــاء وكُتــاب


الخميس - 19 أكتوبر 2023 - الساعة 04:26 ص

كُتب بواسطة : ماجد الشعيبي - ارشيف الكاتب


الحروف جريحة، والمعان استشهدت، والفؤاد معتقل مصاب بجروحٍ بالغة في حناياه.
أي رثاء أكتب، وأنا مكبلٌ بقيود الوجع والحسرة، لابسًا وجه الرماد برحيل الشاب المناضل مجد يوسف الحكم. الذي غادرنا بلا عودة، بعد مسيرة كثيفة العطاء والكفاح في سبيل الوطن الذي تحرر بفضل تضحيات الأبطال ومجد واحدًا منهم.

دمه الزكي الذي روى تراب عدن في الكثير من المعارك ما زال دمه المهراق شاهدًا على تضحياته الجسيمة هو ووالده المناضل الفذ، سليل المقاومين الأبطال منذ فجر الثورة الأول.

كيف أعزي نفسي وأعزي أهله وذويه ومحبيه بهذا المصاب الجلل الذي أصابنا كلنا بصدمة لم يسبق لي أن عشتها؟
ماذا أقول يا ماجد وكيف أصبرك يا عهد وأنت أيضا يا فهد كيف لي أن أصبرك بهذا الفراق الموجع؟ وكيف لي أن أقابلك يا سعيد لأحتضنك بهذا الخبر الحزين؟ وماذا أقول لمصلح وكيف وبم أواسيك يا حكم؟ فحكمة الله ورحمته ومكتوبة أكبر مني ومن كلماتي الركيكة!.

ما أصعب أن تموت بلا مقدمات، وما أوجع الغياب الذي لا حضور بعده!

كيف سيكبر بركان وأخيه فرسان بعد هذه الفاجعة وكيف ستكبر شقيقتهم، كيف لوالده المناضل المعروف يوسف الحكم أن يتحمل وجعا كهذا وكيف لأمه ولشقيقاته وكل من عرفه أن يفيق كل يوم بلا مجد وبلا ضحكته؟ كيف لرفاقه أن يتحملوا ليال البرد في جبهات الضالع وهو كان الدفئ الذي يغطيهم في ليال الصقيع؟ كيف لزملائه تحمل الجوع والعطش وهو الذي كان زادهم وملجأهم الوحيد في عز أيام الجوع والعطش؟ ..كيف وكيف وكيف، أسئلة حائرة تبحث عن المجد الراحل وعن الوطن الذي كان يتجسد بفقيدنا الراحل بكل تفاصيله..



كيف ستبدو ليل ثوان هذه الدقيقة، ثم بأي حق ستشرق شمس الغد؟ لا أظن أن نهار جديد سيطلع عليك كما كان زاهيا بهيئا!
ستعرفين يا ثوان نهار وليل غير الذي عهده الزمن، وسيعرف ضوءك معنى العتمة، ثم سيفهم ليلك البارد معنى السواد الحالك، السواد الذي لا يرى فيه نور وجه مجد، كما ستعيشين ما تبقى لك من سنوات أيام وأشهر عجاف حتى من الإبتسامة، فمصدر هذه الابتسامات التي كانت تتقاسمها وديانك وأرضك وسماك قد أفل مصدرها إلى غير رجعة.


حتى شموخك أيتها القرية سيواري مثواه الأخير مع كل دمعة سقطت وستسقط حزنا على فراق من كان يمنحك الشموخ والكبرياء وهو يسير فوق ترابك وهامته تناطح السحاب، أما وقد دفنته بلا رحمة تحت ترابك فالمجد كل المجد يتوسد راحتيه وهو يلحتف العزة تحت ترابك الذي لا يعرف سوى دفن من صنعوا لك الشموخ والكرامة، واصبحت بفضل تضحياتهم ودمائهم وعرق جبينهم، يهتفون بشموخك في كل حين يضرب بك المثل في التضحية والفداء، لكن ليس بعد الآن، وما سيصنع بعد هذا الرحيل لن يكون له معنى وستذكرين هذه الحروف المهزومة والفخورة معًا، المهزومة بالوجع الذي أصابك وأصاب سكانك والفخورة بكل ما قدمه مجد ورفاقه من تضحيات في سبيلك..

لم ينتهِ..
#ماجدالشعيبي