NMR AL-AMOUDi ( البعد الرابع) غرفة الأخبار
نشر في الأحد, 13 يوليو,2025-01:11 مساءً
جزيرة الشيخ سعيد (الجزيرة الخضراء) : هي جزيرة تقع في أرخبيل دهلك التابع لمدينة مصوع بدولة إريتريا على بعد 10 إلى 20 دقيقة من مصوع وهي أكثر الأماكن التي يمكن الوصول إليها للغطس والشواطئ الجميلة ..
هذه الجزيرة الصغيرة تسمى (جزيرة شيخ سعيد) والمسجد الصغير التاريخي الأثري الموجود فيها والذي بُني قبل أكثر من 800 عام تقريباً هو (مسجد الشيخ سعيد بن عيسى العمودي) المتوفي في وادي (دوعن) حضرموت ، ويُعتبر مسجد الشيخ سعيد بن عيسى العمودي من ضمن أول خمس مساجد تاريخيه آثريه بُنيت في مصوع ، وكان الشيخ العلامه / عمود الدين سعيد بن عيسى العمودي البكري الصديقي التيمي القُرشي رجل علم ودين من طبقة مشايخ الحضارم ، حيث كان يلقى التوقير من سلاطين دُهلك ومن أهل المنطقه عامه، وسُميت الحزيره بهذا الأسم (جزيرة شيخ سعيد) نسبةً إليه، وقد قدم إليها زائراً لنشر العلم الشرعي في القرن السابع الهجري أتاها من حضرموت ومعه مجموعه من طلابه وأتباعه وبدعوه خاصه من سلاطين دهلك آل شداد الذين كانت تربطهم بالشيخ سعيد علاقات طيبه وله تقدير عندهم ..
أرخبيل دهلك (بالجعزية ዳህላክ) (Island of Dahlak) هو تجمع جزر في البحر الأحمر قبالة الشواطئ الإريترية قرب مدينة مصوع، يضم أكثر من 126 جزيرة في جنوب البحر الأحمر ، يتبع أريتريا أهم جزره ودهلك الكبرى ونهلق ..
تبلغ مساحة جزر دهلك 700 كم 2 وتبعد عن الساحل مسافة 43 كم، وعلى ساحلها عدد كبير من المراسي للسفن التي تتجه من وإلى مصوع، وفي الجزيرة عدة قرى منها : دهلك الكبير، كوباني، دبليو، سلات، دروبوشات، مملا ..
وتحتوي جزر دهلك وتحديداً دهلك الكبرى على آثار يعود تاريخها إلى عصر سلاطين دُهلك ، فقد تم اكتشاف ما يقرب من 300 شواهد قبور، وهم يشهدون على وجود سكان ينحدرون من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وتم ملاحظة العديد من القباب المتدهورة الآن، والتي ربما تندثر في السنوات القادمة، دون اهتمام الحكومة أو المسلمين بها، وتتكون من منازل حجرية جيدة البناء مصنوعة من المرجان تدل استخدم السكان في العصور الوسطى صهاريج متطورة لضمان إمداد مستمر بالمياه العذبة ..
وقد اشتهرت هذه البلاد خلال العصر الوسيط باسم (إمارة دهلك الإسلامية) أو (سلطنة دهلك) ، لأن حكامها وما يتبعها من الجزر كانوا يحملون لقب (السلطان) أو (سلطان دهلك) ، وهو ما يبدو جلياً من خلال شواهد القبور العديدة التي كُشف عنها في الجبانة الملكية الخاصة بحكام هذه الجزيرة ..
وارتبطت دهلك بالعديد من الهجرات العربية والإسلامية القادمة من جزيرة العرب إلى ساحل شرق إفريقيا عبر البحر الأحمر، وذلك منذ القرون الأولى للدعوة الإسلامية، بل إن أرخبيل دهلك ارتبط بالهجرة الأولى التي قام بها المسلمون إلى بلاد الحبشة بناء على أمر من النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” بسبب اضطهاد المشركين لهم، بعد أن أمر بإعلان دعوته للناس، وأنها لم تعد سرية ..
ومن الراجح أن المسلمين الأوائل، وتحديداً الصحابة رضي الله عنهم توقفوا بجزيرة دهلك خلال عبورهم إلى سواحل البحر الأحمر وهم في الطريق إلى بلاد الحبشة ..
ويُحدد بعضُ العلماء العام الذي غادر فيه المسلمون جزيرة العرب على متن إحدى السفن لعبور البحر الأحمر بحوالي سنة 615م، وكانت السفينة التي أقلتهم قد انطلقت من منطقة اسمها: “العشيبة”، نواحي جدة ..
وحول تأسيس إمارة دهلك الإسلامية حدد المؤرخون بدايات القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي بأنها الحقبة الزمنية التي تأسست خلالها (إمارة دهلك الإسلامية) ، التي كانت تتمتع بالإستقلال فيما يبدو، ولعبت دوراً مهماً في حركة التجارة البحرية عبر سواحل وموانئ البحر الأحمر، ويبدو أنها نالت الأهمية التجارية التي كانت لميناء “أدوليس” (عدول)، وكان هذا الميناء من أهم الموانئ التجارية على ساحل البحر الأحمر لمملكة أكسوم الحبشة ..
وكانت الأسواق التجارية في (إمارة دهلك الإسلامية) تشكل محطة ترانزيت تجاري مهمة على الطريق التجاري القادم من أسواق مصر وشمال إفريقيا، وكذلك الأسواق الأوروبية من جانب وحتى بلاد الشرق الأقصى حيث بلاد الصين والهند، وكذلك إلى بلاد ساحل شرق إفريقيا ..
وكشف العلماء عن العديد من الأدلة المهمة التي تؤكد ازدهار الحركة التجارية في إمارة دهلك الإسلامية، لعل من أهمها وثيقة تؤرخ إلى عصر الدولة الفاطمية (358-567هـ)، ويقول عنها المستشرق إنيركو تشيرولي: “وتوجد أدلة على النشاط التجاري لسلطنة دهلك في وثيقة يهودية عربية ترجع إلى العصر الفاطمي، عثر عليها في جنيزة كنيس بالقاهرة، وتبين هذه الوثيقة أن تاجراً من منطقة طرابلس في ليبيا توقف في دهلك لأغراض تجارية وهو في طريقه من مصر إلى بلاد الهند، وذلك في عام 490هـ/ 1097م..” ..
ويشير بعض المؤرخين”لوجود علاقات بين كل من سلاطين دهلك ورجال الدين من أهل العلم والمشايخ والعلماء والدعاة إلى الله وكان لهم توقير وإحترام ويحظون برعايه خاصه” ..
كما ارتبطت إمارة دهلك الإسلامية بحكام وسلاطين مصر، لا سيما خلال عصر المماليك (648-923هـ/ 1250-1517م)، وكانت دولة المماليك أقوى سلطنة في ذلك الوقت وتسيطر على تجارة البحر الأحمر، وكان سلاطينها يسيطرون على مصر وبلاد الشام وجزيرة العرب، في حين كانت جزر دهلك تشكل مركزاً تجارياً مهماً بحكم موقعها الجغرافي المتميز ..
وعن أهمية جزر دهلك التجارية منذ العصور القديمة يقول المستشرق الفرنسي “جان كلود جارسان” : “إن المنسوجات والجلود والمعادن المشغولة ومختلف العقاقير سواء كانت مشتراه من شمال إفريقيا من جانب تجار القاهرة أو قادمة من مصر نفسها، كانت تمر عبر عيذاب إلى أسواق دهلك وعدن أو المحيط الهندي، والتي كان يرجع منها الصمغ والفلفل وأنواع التوابل كافة، وكان يطلبها بلاط الخلفاء أو التجار الإيطاليون..” ..
أسرة آل الشداد الحاكمة في جزيرة دهلك : أما بخصوص سلاطين وحكام إمارة دهلك، وهم الذين اشتهروا باسم “أسرة أبي الشداد”، فقد تم العثور على عدد كبير من النقوش الكتابية، وكذلك شواهد القبور Tomb Stelaes التي حملت أسماء سلاطين دهلك، ويشير البعض إلى أن عدد نقوش دهلك تزيد على المائتي نقش، وكان قد عثر عليها في الجبانة الكبرى في جزيرة دهلك الكبرى، وهذه النقوش توجد حاليًا في العديد من المتاحف الدولية …
ويقول الأستاذ / حسين محمد باقر كاتب وباحث ارتيري في مقال له بعنوان : (المحور الثالث – الحلقة الثانية والأخيرة) ، وذكر فيه حول المساجد التاريخية والأثريه في مدينة مصوع وقال :
الجوامع والمساجد والمعاهد الدينية والخلاوي والزوايا في كل من مصوع وحرقيقو وحطملو وأم كلو وأمبيري وبما ان مصوع وعمقها التاريخي كانت موطن المسلمين ومركزاً حضارياً ومدينياً بارزاً فمن الطبيعي أن تذخر بعدد من الجوامع والمساجد والمعاهد الدينيه وذلك منذ مايزيد من ألف عام، حيث كانت تلك الصروح تؤدي رسالتها في مختلف مناحي الحياة الدينية والإجتماعيه والإنسانية والثقافيه والإقتصادية والإرشادية بما يعود بالنفع على المجتمع المسلم ..
في منتصف عام 1830م قالا السيدان / كومبس COMBES وتأميسيير TAMISEIR الفرنسيان اللذان كانا يقومان بأعمال القديس سيمونيان SAINT SIMONIAN قالا : بإن عدد المساجد في مصوع خمس. وفي حقبة الوجود المصري واوائل عهد الإستعمار الإيطالي بإن عدد دور العباده بدأت في التزايد. وقال الصحفي الفرنسي ليجان LEGEAN بإن عدد المساجد والجوامع في مصوع ستة عشر وبالإضافة إلى (مسجد وجزيرة شيخ سعيد وشبه جزيرة شيخ عبدالقادر الجيلاني) ، وأضاف قائلاً أما عدد المساجد في حرقيقو فإنها سته وعشرون مسجداً، وفي حطملو سبعة عشر مسجداً، وفي ام كلو خمس مساجد، ما مجموعه أربعه وستون مسجداً بالإضافة إلى أمبيرمي ..
ويقول السيد جونثان ميران : بإن معلومات غير موثوق بها أو غير مؤكده جمعها السيد / أودوريزي ODORIZZI بإن مسجدي حنفي وشافعي هما الأقدم في مصوع وأن تاريخ إنشائهما يعود إلى عام 1110م، ومن خلال ماكان يتناقله الناس حول هذه المسأله يُقال بإن (مسجد الشافعي) هو الأقدم في مصوع ويبدوا ان هذه المعلومة صحيحه إلى حد ما. بالنظر إلى أن الوجود العثماني في الجزيره العربيه سبق تواجدهم في الشواطئ الإريتريه حيث المذهب الشافعي هو السائد في اليمن وعليه من الممكن إنتقال اليمنيين إلى الشواطئ الإريتريه مع مجيئ العثمانيين وربما قبلهم. فلو نظرنا إلى تاريخ بناء مسجد حمال الأنصاري وهو يمني مولود في الحديده يعود تاريخ بناء المسجد كما ذكرنا أنفاً على ماقبل تسعمائة عام، كما أن تاريخ بناء (مسجد الشيخ سعيد العمودي) في جزيرة شيخ سعيد وهو من مشايخ الحضارم دُفن في وادي دوعن باليمن قبل أكثر من سبعمائة عام .. كل هذا يؤكد التواجد اليمني في الشاطئ الغربي للبحر الأحمر ومن الطبيعي ان ينقلوا ثقافتهم وحضارتهم وعاداتهم ..
وفي أوائل عهد المصريين والإيطاليين 1865-1885 حتى عام 1905م وصفت تلك الفتره بالنهضه العمرانيه الشامله نظراً إلى أن المقاولون قاموا ببناء مساجد جديده لإستيعاب الأعداد المتزايده في المناطق الداخلية أي في الضواحي ..
ولو نظرنا إلى قائمة المساجد التي تعكس وبشكل جلي واقع الوضع الإجتماعي وإنتمائاته المذهبيه، وكما ذكرنا أنفاً بإن في مصوع (جامع حنفي) وله صيغه رسميه وكانت هناك مساجد آخرى تتبع مسجد حنفي مثل (مسجد حسين باشا مغربي) وكان يوجد أيضآ مسجد يتبع المذهب المالكي وهو (مسجد الشيخ حامد عبيد) وكانت هناك أيضآ مساجد تتبع المذهب الشافعي أسمائها تعود لرجال دين يمنيين نذكر منهم (مسجد الشيخ سعيد العمودي ومسجد الشيخ عبدالله سعد اليافعي) وكل مجموعه تصلي الجمعه في جامعها طالما اكتمل النصاب الشرعي لإقامة صلاة الجمعه.. المذهب الحنفي كان المهيمن أو صاحب الغالبيه نظراً للإعتراف الرسمي الذي كان يحظى به كمذهب رسمي للدوله أو كمرجعيه دينيه في حالة إصدار الفتاوى الدينيه من قبل الدوله العثمانيه ومن بعدهم المصريين أيضا ومن الطريقه الختميه .. وكانت غالبية الأعداد الكبيره التي هاجرت إلى مصوع في القرن التاسع عشر كانوا من منطقة حضرموت ومعظمهم كانوا يتبعون المذهب الشافعي ….
ويقول الأستاذ / أحمد السيد عثمان وهو كاتب وباحث ارتيري في مقال له بعنوان : (مصوع المدينه القديمة تعيش خارج التاريخ) ، وذكر فيه حول المساجد التاريخية والأثريه في مدينة مصوع وقال :
مدينة مصوع القديمة هي الحضاره التاريخ الأول، هي بلاد الطراز الإسلامي في العهد الأموي فهذه البلد الجميله والمشهوره بكثرة مساجدها ومعالمها القديمة والتاريخية ومزارتها وأضرحتها مثل : (مسجد الصحابه، ومسجد حمال الأنصاري واسمه الحقيقي عمر بن الصديق الأنصاري، ومقام الشيخ درويش، والشيخ عبدالقادر الجيلاني، وجزيرة ومسجد الشيخ سعيد العمودي) لإنها كانت في محيطها مطرزه الطراز الإسلامي وسميت بذلك في السابق هذه المدينة مصوع هي لؤلؤة البحر الأحمر والمشهوره تجارياً في عهدها الأول بخيراتها البحرية وشواطئها الجميله وجذورها المتناثرة هنا وهناك