الجمعة - 18 يناير 2019 - الساعة 10:13 ص
السعودية في الوقت الرهن في مرمى الإعلام الغربي الحليف، والعربي الأخ والشقيق وكذلك المغرض الحانق. زمن السعودية صعب بكل المقاييس، والمملكة صعبة على البلع لأن سنارتها رباعية الأشواك. السعودية للخليج رأس حربة وللعالم العربي سند وللعالم الإسلامي ظهر وللعالم كله نفع مستدام. بعض الكتاب في الغرب ممن كانوا يكيلون للسعودية الاتهامات جُزافاً يكيلون بمكاييل فارغة من أي وزن معتبر مع مملكة بوزن السعودية.
ولنُعرّج قليلاً على ما ذكره الباحث البريطاني «إد حسين»، مؤلف كتاب: «بيت الإسلام: تاريخ عالمي»، حيث يقول: على بريطانيا ألا تتخلى عن السعودية وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، محذراً من أن إضعاف المملكة يضعف الغرب. وكان حسين طوال أكثر من عقد ينتقد السعودية، لذلك، كان بديهياً أن يرحب بجهود للإساءة للسعودية. ولكنه بدلاً من ذلك، يلفت في مقال كتبه في مجلة «سبكتيتور» البريطانية، إلى أن مثل هذه الحسابات معيبة وقصيرة النظر وستضعف الغرب، لذلك، يناشد بريطانيا أن تكون صوت العقل وتتخذ وجهة نظر أبعد، لافتاً إلى أن «مثل هذه الخطوة ستكون موضع ترحيب حار من حلفائنا العرب».
السعودية الراهنة لديها القدرة على الاستفادة واللعب على الوتر المختلف في ألوان الغرب السياسي، لأن الغرب ليس غرباً واحداً بل «غِربال» في بعض حالاته مثل ألمانيا وفرنسا، أو أميركا وكندا، وكذلك روسيا والولايات المتحدة الأميركية وأكثر من ذلك مع الدول الأوروبية غير المنحازة إلى أي معسكر غربي أو شرقي كما في وضع سويسرا.
وكما أن الغرب ليس واحداً ولا متحداً في كل السياسات العالمية، فإن العرب هم كذلك، بل أكثر، وقس على ذلك العالم الإسلامي. فمن حق السعودية أن تستبدل الحلفاء وكذلك الأشقاء والأصدقاء إذا شعرت بأن بعضهم في طور التحول إلى الخصوم.
هكذا دأب الساسة مع السياسة، فالصداقات في واد والمصالح في واد آخر إذا التقتا كانت العلاقات قوية وراسخة، وأما إذا افترقتا، فإن كلمة الفصل للغة المصالح، فإذا تصالحت أجدت وإذا تخاصمت أجدبت.
في حرب الخليج الثانية وأعني بها الغزو العراقي للكويت، كان للسعودية الدور الأكبر في استعادة الكويت لحريتها، وخاصة إشراف الملك الراحل فهد بن عبد العزيز بنفسه على الخطة بأكملها، حتى في تقييمه للقوات العربية التي أبدت المشاركة الميدانية للقيام بهذا العمل العظيم. وقد توصل الملك في اجتماعاته مع القادة العسكريين لقناعة مفادها بأن القوات العربية وحدها لا تفي بغرض إخراج القوات العراقية من الكويت لأن ميزان القوى على الأرض ما زال لصالح صدام.
لذا قرر الملك فهد الاستعانة بالحليف الاستراتيجي للقيام بتلك المهمة بمشاركة القوات العربية التي وافقت على المساهمة في هذا المجهود الحربي الضروري. وبعد تحرير الكويت من ذاك الاعتداء الغاشم، قرر بوش الأب إلغاء اعتبار حجم الدول عقبة للعب الأدوار في شتى القضايا الدولية والإقليمية.
فدولة الفاتيكان التي تدير الشؤون الدينية لأكثر من ثلاثة مليارات من المسيحيين حول العالم قد تتخذ سياسات لا تجرؤ أميركا على اتخاذها فكم الفرق بين حجم الدولتين؟!
فدول الخليج ليست استثناء من هذا الأمر، فالسعودية لديها مكانة دينية رفيعة فيكفيها شرف احتضان الحرمين الشريفين. وهذا الدور يمثل قرابة مليار ونصف المليار مسلم يقتربون من ثلث سكان العالم أجمع. وهناك من يريدون الطعن والتقليل من هذا الدور المركزي في الأمتين العربية والإسلامية لأسباب أيديولوجية واهية ومغرضة.