الفن والموضه

هوليوود تودّع “غراهام غرين” أسطورة “الرقص مع الذئاب”

الأربعاء - 03 سبتمبر 2025 - الساعة 07:29 م بتوقيت اليمن ،،،

متابعات خاصه ( البعد الرابع) غرفة الأخبار


نشر في الأربعاء,3 سبتمبر ,2025-07:29 مساءً

في صمتٍ مهيب، أسدل الستار الأخير على حياة فنان من طراز نادر، ورحل عن عالمنا “غراهام غرين” عن عمر يناهز 73 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا من القصص التي نُسجت على الشاشة الفضية.



لم يكن رحيله مجرد خبر وفاة، بل كان وداعًا لروح فنية عميقة، ونهاية فصلٍ من فصول النضال، لرجلٍ حطم الصور النمطية التي رسمت لقرون عن شعبه، وأعاد لملامحهم قيمتها الحقيقية.



وُلد “غرين” على أرض “أوهاسويكين” في محمية “الأمم الست” بكندا، وكأنه حمل في جيناته حكمة الأرض التي مشى عليها أجداده. قبل أن يتقمص الأدوار، مارس “غرين” مهناً يدوية شاقة، من رسّام ومُلحّم ومُنجّر، وكأن حياته قبل الفن كانت تجهيزاً له لصناعة شخصيات من لحم ودم على الشاشة.



وفي السبعينيات، وجد شغفه الحقيقي، فخطى أولى خطواته في عالم الفن ليصبح راويًا للقصص، مدركًا أن موهبته ليست للترفيه فحسب، بل هي أداة لإعادة كتابة التاريخ.



لم يكن “غرين” مجرد ممثل، بل كان جسرًا يربط الجمهور الغربي بعمق قصص السكان الأصليين وروحهم. فقد أصبح وجوده في فيلم “الرقص مع الذئاب” نقطة تحول ليس فقط في مسيرته، بل في مسيرة الممثلين من أبناء جلدته، حيث كان أول ممثل من السكان الأصليين ينال ترشيحًا لجائزة أوسكار عن دور رئيسي في فيلم.



لم تكن شخصية “كيكنغ بيرد” مجرد دور، بل كانت تجسيدًا للحكمة التي تنبع من التجربة والمعرفة، ووجهًا إنسانيًا عميقًا يواجه الصور النمطية، فيبرزها ويجعل منها أيقونة.



توالت إبداعاته لتملأ الشاشة بأدوار لا تُنسى. فكان الروح الهادئة التي سارت على “الميل الأخضر” بصحبة “توم هانكس”، وكان الحضور المؤثر في أفلام مثل “ويند ريفر”، وأظهر براعة متجددة في برامج تلفزيونية مثل “كلاب المحمية”، والأخير منّا”، حتى عالم ألعاب الفيديو لم يسلم من بصمته، فقد أضاف إلى لعبة “ريد ديد ريدمبشن 2” عمقاً فريداً بصوته الذي أدى دور الزعيم الأكبر “رينز فول”.



ومع رحيله، فاضت الكلمات من قلوب زملائه لتنسج رداءً من الحزن والتقدير. كتبت الممثلة “ليلي غلادستون”، التي حملت مشعل الأصالة من بعده، أن “غرين” كان “أحد أفضل الممثلين على الإطلاق”، وأن تأثيره لا مثيل له. بينما عبّر الممثل الكبير “كيفن كوستنر” عن امتنانه للعمل معه، واصفًا إياه بـ “الأستاذ” و”الإنسان الرائع”.



وقد حاز “غرين” على العديد من الجوائز خلال مسيرته، منها جائزة “إيرل غراي” للإنجاز مدى الحياة عام 2004، و”وسام كندا” عام 2016، الذي يُعد ثاني أعلى وسام مدني في البلاد.



لكن إرثه الحقيقي يتجاوز كل الجوائز؛ فقد ألهم “غرين” جيلاً كاملاً من الممثلين ليحلموا بما هو أبعد، وأثبت لهم أن صوتهم يستحق أن يُسمع.



إن قصته هي شهادة حية على أن الفن عندما يتجذر في الأصالة، يصبح خالدًا، وأن “الرقص مع الذئاب” لم يكن مجرد فيلم، بل كان استعارة لمسيرة فنانٍ أثبت أن القصص، عندما تروى بصدق، يمكنها أن تغير العالم